اختتمت في موسكو فعاليات منتدى المستقبل الحضري لمجموعة البريكس الذي أقيم تحت عنوان (المدينة السحابية)، حيث شهد المنتدى الذي أقيم في 18 و19 سبتمبر حضور خبراء لمناقشة مستقبل التنمية المستدامة في المدن الكبرى في الدول الأعضاء. كما تضمنت الفعالية تكريم موسكو بجائزة الابتكار العالمي. كما شهد المنتدى إصدار العديد من التصنيفات المرموقة. حيث احتلت موسكو المرتبة الأولى بين أفضل خمس مدن في مجموعة البريكس من حيث التطور في مجالي التكنولوجيا والفضاء، واحتلت المركز الثالث في تصنيف بريكس 250، كما ظهرت في قائمة العشرة الأوائل في مؤشر الابتكار العالمي للمدن العالمية في مجال الصحة والسلامة والبيئة، التي تعده المدرسة العليا للاقتصاد التابعة للجامعة الوطنية للبحوث.
يترأس المنتدى تقليدياً راي كوون تشونغ الحائز على جائزة نوبل للسلام. والذي أشاد خلال الفعالية بالإنجازات التي حققتها موسكو في مواجهة التحديات البيئية.
وقال تشونغ: ” تتميز موسكو بدور ريادي في مواجهة التحديات الحضرية المعاصرة، وخاصة تلك المتعلقة بالتغير المناخي. لقد قدمت لنا من خلال منتدى بريكس للمستقبل الحضرية نماذج ناجحة لإدارة المدن بشكل مستدام. من وجهة نظري كمتخصص في هذا المجال، فإن تبني هذه التجارب يعد خطوة بالغة الأهمية لبناء مدن أكثر مرونة وقدرة على التكيف. “.
وشهد المنتدى مشاركة 24 وفداً من 21 دولة من بينها كوريا الجنوبية والصين والهند والإمارات العربية المتحدة والبرازيل وتركيا وجنوب أفريقيا ودول أخرى مختلفة.
شهد المنتدى مشاركة نخبة من الخبراء والقيادات العالمية، من بينهم ميمونة محمد شريف، عمدة كوالالمبور والمدير التنفيذي السابق لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وجيفري ساكس، المستشار الاقتصادي للأمين العام للأمم المتحدة، ودارون أسيموغلو، الخبير الاقتصادي من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والشيخ راشد بن عبد الرحمن بن راشد آل خليفة، محافظ العاصمة البحرينية، والحائز على جائزة نوبل توماس سودوف.
وأشار الخبير الاقتصادي الأمريكي جيفري ساكس خلال كلمته في المنتدى إلى أنه من المتوقع أن تستضيف دول البريكس قريباً أكثر من نصف مدن العالم الكبرى، كما أسفرت الجهود التعاونية للدول الأعضاء في المجموعة عن نتائج مبهرة.
كما أعرب ساكس عن استغرابه قائلاً ” هناك تعاون تعاون حقيقي بين دول البريكس. وهذا أمر مذهل. لكنني أود أيضاً أن أرى هذا النوع من التعاون بين كل من الولايات المتحدة وروسيا، وكذلك بين الولايات المتحدة والصين. فبدلاً من حالة الانقسام الحالية في العالم مع وجود معسكرين متعارضين، لما لا يكون هناك تعاون“.
وخلال المنتدى، تبادل الخبراء والمشاركون تجاربهم في تطوير الابتكارات، وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع المعزز في الحلول الحضرية، وتطوير تقنيات ”المدن الذكية“، وتحقيق نجاحات في إنشاء الخدمات السحابية.
كما تناول المنتدى التهديدات التي يشكلها ارتفاع معدلات التحضر والتطور التكنولوجي السريع. فقد أعرب دارون أسيموغلو، الخبير الاقتصادي والأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عن مخاوفه بشأن دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية للمدن الكبرى قائلاً: ”لقد ثبت أن أدوات اتخاذ القرار بمساعدة الذكاء الاصطناعي لا تجعل العملية أكثر كفاءة. فغالباً ما تفتقر نماذج الذكاء الاصطناعي إلى المعلومات الكافية وترتكب الأخطاء. ولكن حتى عندما تكون لديها بيانات ذات جودة، فإن هذه التقنيات تُثبط من عزيمة الناس وتقوض رغبتهم في الإبداع“.
وإلى جانب المناقشات حول الفرص والتهديدات، اعتاد المنتدى على تكريم المدن الكبرى وقادتها لمساهماتهم في التنمية المستدامة ومعالجة القضايا البيئية خلال حفل توزيع جائزة الابتكار العالمي. وتؤكد الجائزة على أهمية وأولوية التقدم التكنولوجي في تحقيق التنمية المستدامة. حيث قدم الحائز على جائزة نوبل للسلام راي كوون تشونغ الجائزة إلى عمدة موسكو سيرغي سوبيانين. واختار الخبراء موسكو الأفضل في فئة شق”المدن والمجتمعات المستدامة“ لجهودها في تطبيق تقنيات مستدامة مبتكرة في مجالات حماية التربة والمياه والهواء. حيث فازت العاصمة الروسية بالجائزة عن ثلاثة مشاريع، بما في ذلك روبوت التنظيف ”بيكسل“، وأسطول بلدية موسكو، ومختبرات الرصد البيئي في المدينة.
كما تم خلال منتدى المستقبل الحضري للمدينة السحابية لدول البريكس الإعلان عن أفضل خمس مدن من دول البريكس بناءً على مؤشر البيئة الحضرية والابتكار. حيث يقوم هذا المؤشر، الذي أعده اتحاد منظمات بحثية من الصين والهند وروسيا، بتقييم المدن بناءً على قدرتها على تزويد السكان بإمكانية الوصول المريح إلى مجموعة واسعة من الخدمات المادية والرقمية. حيث حصلت موسكو على المركز الأول في التصنيف، محافظةً على مكانتها من العام السابق. كما كانت شنغهاي وسان بطرسبرغ وبكين وغوانغتشو من بين المدن الرائدة.
وأشار الخبراء الدوليون إلى التطور المكاني المتوازن في موسكو وسهولة وصول السكان إلى مجموعة متنوعة من خدمات المدينة. كما سلطوا الضوء على اعتماد المدينة للتقنيات الجديدة في مختلف القطاعات، والتقدم المستمر في البنية التحتية للنقل، وتوافر وسائل النقل العام. بالإضافة إلى ذلك، أشاروا إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها موسكو لحماية البيئة وضمان سهولة الوصول للجمهور إلى المساحات الخضراء. وحسّنت موسكو ترتيبها في العديد من المؤشرات مقارنةً بالعام السابق، مما عزز مكانتها الرائدة.
كما كُشف النقاب في موسكو عن نتائج مؤشر بريكس -250، الذي جمعته المجلة الاقتصادية العالمية”وورلد إيكونوميك جورنال“ (هونغ كونغ، الصين). وحصلت العاصمة الروسية على المركز الثالث بين عواصم الأعمال في دول البريكس، حيث احتلت بكين المركز الأول وجاءت أبوظبي في المركز الثاني. كما احتلت الشركات الروسية التالية مراكز متقدمة في تصنيف شركات التكنولوجيا في مجموعة بريكس بناءً على إمكاناتها في تطوير التكنولوجيا الجديدة والابتكار والاستدامة والتركيز الاستراتيجي، خاصة فيما يتعلق باستراتيجياتها في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والمسؤولية الاجتماعية للشركات: سبير وييندكس وروستيليكوم و في تي بي وفي كونتاكت ومويكس وروس نفت ومجموعة إكس 5وغيرها.
كما عُرضت في المنتدى نتائج مؤشر الابتكار العالمي للمدن العالمية للصحة والسلامة والبيئة لعام 2024. حيث حلل خبراء من معهد الدراسات الإحصائية واقتصاديات المعرفة التابع للمدرسة العليا للاقتصاد بالجامعة الوطنية للبحوث الاقتصادية المزايا التنافسية للمدن من حيث جاذبيتها لرواد العلوم والتكنولوجيا الفائقة والقطاعات الإبداعية. حيث احتلت موسكو مكانها ضمن المراكز العشرة الأولى في المؤشر، حيث حققت درجات عالية في فئات ”التطور التكنولوجي“ و”الصناعات المبتكرة“ و”البيئة الحضرية“. كما احتلت لندن ونيويورك وطوكيو وبكين وسان فرانسيسكو وباريس وشنغهاي ولوس أنجلوس وسيول المراكز العشرة الأولى.
كما استعرض جناح حكومة مدينة موسكو في المنتدى مجموعة واسعة من الابتكارات التكنولوجية التي من شأنها أن تشكل مستقبل العديد من الصناعات. وقد قدمت 17 شركة روسية رائدة، من بينها مجموعة موسكو للابتكار وشركة سكولكوفو، حلولاً مبتكرة في مجالات مثل إعادة تدوير البلاستيك، والروبوتات، واستكشاف الفضاء، والطاقة المتجددة. وقد أظهر هذا العرض الواسع للابتكارات الروسية مدى التقدم الذي أحرزته البلاد في مجال التكنولوجيا.
وتم تنظيم خمسة عشر عرضاً ترويجياً لضيوف المنتدى، حيث اجتذبت أكثر من 150 مشاركاً. وقد زارت الوفود الأجنبية مرافق رئيسية للبنية التحتية التكنولوجية في موسكو مثل مركز حالة المترو والتوأم الرقمي لموسكو ومجمع سكولكوفو للتكنولوجيا وغيرها.
كما أقيم منتدى المدن الخضراء لدول البريكس الذي نظمته حكومة مدينة موسكو لأول مرة كجزء من المنتدى. وكان البرنامج البيئي المكثف للمنتدى بمثابة منصة لتبادل الخبرات ومناقشة دمج الابتكارات الخضراء في الحياة الحضرية.
حيث ركز منتدى المدن الخضراء لدول البريكس على الجوانب العملية والنظرية لمواجهة التحديات: عرض واختبار الأساليب المبتكرة، وتقليل التأثيرات البشرية، ووضع استراتيجيات التنمية المستدامة، وتعزيز العادات الخضراء، وزيادة وعي المواطنين بسبل الحفاظ على البيئة.
وكان من بين المشاركين في منتدى المدن الخضراء لدول البريكس: راي كوون تشونغ؛ ومحمد الأحمري ممثل المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر؛ ونسيبة المرزوقي مدير إدارة الدراسات والبحوث والتطوير في وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ ومريم أحمد الريسي رئيسة قسم التخطيط الحضري في وزارة الطاقة والبنية التحتية في دولة الإمارات العربية المتحدة. الدكتور باتير بيرديكليشيف ممثل منظمة الصحة العالمية في الاتحاد الروسي؛ وسيرغي بوبيليف رئيس قسم الاقتصاد البيئي في كلية الاقتصاد في جامعة موسكو الحكومية، وهو أستاذ ودكتور في الاقتصاد وعضو فخري في الاتحاد الروسي وأكاديمي في الأكاديمية الروسية للعلوم الطبيعية والأكاديمية الروسية لعلم البيئة.
كان من أبرز فعاليات منتدى بريكس للمدن الخضراء هو الملتقى البيئي الدولي بعنوان ”الرمز الأخضر لموسكو“. وقد استقطب هذا الحدث أكثر من 1700 مشارك من 27 دولة، سواء عبر الإنترنت أو في مكان انعقاده في زاريادي.