دبي الإمارات العربية المتحدة، 15 يناير 2020، ("ايتوس واير") :
تشخيص التكلفة
يعمل القطاع الطبي دائماً على تعزيز دقة التشخيص من أجل تحسين العلاجات المقدمة. يؤدي الانتقال من التصوير المقطعي ﺑـ 64 ﺷﺭﻳﺣﺔ إلى 128 شريحة وثم من التصوير المقطعي بـ 256 شريحة إلى 320 شريحة إلى تحسين قدرات التشخيص. إلا أنه عندما يتعلق الأمر بالصحة المالية، لا يزال التصور السائد القطاع يتمحور حول الأساليب التقليدية لتدابير خفض التكاليف. ويشكل الإشغال ومتوسط الإيرادات لكل سرير يشغله مريض لمدة يوم المقياس المعتمد ويتم السعي إلى تحقيق الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والاستهلاك والاهتلاك استناداً إلى نهج معالجة المعلومات بالتحليل المتدرّج.
وقد بدأت عملية التحوّل حالياً باعتماد آليات مختلفة لتحديد سقف الأسعار على مستوى العالم، سواء للأسعار ذات الصلة بمجموعات التشخيص في الولايات المتحدة والشرق الأوسط أو تحديد سقف الأسعار من قبل الرابطة الهندية لتأمين القطاع العام والبرنامج الوطني لحماية الصحة ("أيوشمان بهارات") في الهند، حيث تقوم هيئات التأمين والجهات الحكومية بتقليص إيرادات المستشفيات. فالأسعار المحددة لخدمات المرضى لن تكون مدفوعة بالمنافسة في الأسواق. بالتالي، فإن توفير رعاية صحية عالية الجودة في ظل التزايد المستمر في التكلفة والمنافسة سيشكل تحدياً. وسيؤدي هذا الأمر إلى تعريض الاستدامة المالية في المستشفيات النموذجية ذات التكلفة العالية للخطر.
هذا وتحاول الحكومات وكذلك المستشفيات جاهدة للحفاظ على التوازن بين ضمان استمراية المستشفى وتوفير الخدمات الصحية عالية الجودة ميسورة التكلفة. وتسعى المستشفيات وشركات التأمين المستقبلية لإيجاد حلول مستدامة وعلمية؛ إذ أن الصحة المالية في حالة حرجة وتتطلّب تشخيصاً مفصلاً ومتقدماً.
ويكمن الحل في تغيير مفهوم إدارة الرعاية الصحية. تماماً كأي قطاع آخر، ينبغي على قطاع الرعاية الصحية أن تقوم بتحويل إدارة الربحية لديها من خلال اتباع النهج التصاعدي، أي التكلفة. وتعد التكلفة الإجمالية للرعاية لكل مريض وكل إجراء من العوامل بالغة الأهمية لتسعير مجموعات التشخيص. ويمكن للمستشفى التي تملك بيانات في الوقت الفعلي متعلقة بالتكاليف لكل مريض وخدمة لديها أن تطالب بأسعار أفضل من شركات التأمين إذا كانت تعتمد إدارة علمية للتكاليف. كما يمكن لدقة تشخيص الموارد غير المستخدمة بشكل كامل والأنشطة التي لم تنجم عنها أي قيمة مضافة أن تدفع النظام الصحي نحو جهة فعالة من حيث التكلفة.
ويقوم حالياً معظم قادة النظام الصحي بإدارة الاستخدام والتكلفة والإيرادات على مستوى الإدارة (المحاسبة المالية). وفي حين قد تكون بيانات النفقات لكل إدارة وكلفة تسعير كل خدمة مفيدة لتشغيل أي إدارة، إلا أنها ليست الطريقة المناسبة لإدارة أنظمة صحية عالية الأداء على المدى الطويل. يتخذ الأطباء القرارات المتعلقة بالطلبات على مستوى المريض. وبالتالي، إذا كان ينبغي مراقبة وتعديل السلوكيات السريرية والتشغيلية، يجب أيضاً إجراء تحليل التكلفة والربحية على مستوى المريض والخدمات على حد سواء. وتجدر الإشارة إلى أن معرفة التكلفة أمر مهم ولكن معرفة التكلفة الدقيقة يعتبر عاملاً أكثر أهمية من أجل اتخاذ القرارات. ويعد إحتساب التكاليف القائم على الأنشطة الحل المشهود له دولياً لتقدير تكاليف الخدمات الصحية بأقصى قدر من الدقة.
فوائد احتساب التكاليف وفق مجموعة الخدمات وتحليل الربحية
يؤدي تحويل القرارات المتعلقة بالأعمال من المحاسبة المالية (على مستوى القسم) إلى احتساب التكاليف (على مستوى المريض) إلى توفير المزيد من معلومات الربحية المفيدة، والإجابة على أسئلة كالتالية:
• ما هي الموارد (المدخلات) التي تمّ استهلاكها تاريخياً لتقديم الرعاية للمرضى (المخرجات)؟
• ما هي تكلفة هذه الموارد عند تسليم المنتج أو الخدمة؟
• هل تقوم الإيرادات بتغطية التكاليف؟
• ما هي العوامل المحركة لهذه التكاليف؟
• التفاوت في تكلفة الرعاية للمستشفيات؟ الأطباء؟ أنواع المرضى؟
• تكاليف حالات الرعاية واستمرارية الرعاية (تحليل المطالبات)؟
• التكاليف حسب الوحدة الأسرية؟ المنطقة الجغرافية؟ الفئة العمرية؟
• الربح بحسب الدافع، مجموعة الخدمات، نوع المريض، الطبيب، مجموعات التشخيص، الإجراء، التشخيص
الإدارة القائمة على الحجم مقارنة بالإدارة القائمة على القيمة
يعتبر تصميم نظام إحتساب التكاليف، عندما يتم تطبيقه بخبرة، عملية تفاعلية بلا شك، وهي تشمل مساهمات من القادة السريريين والماليين على السواء. ويؤدي ذلك إلى إنتاج بيانات أكثر دقة وموثوقية، وبالتالي مستوى عالٍ من الاعتماد في جميع أنحاء المنظومة الصحية.
ويمكن أن يؤدي التطور من إدارة الرعاية الصحية القائمة على الحجم إلى الإدارة القائمة على القيمة والتسعير بحسب مجموعات التشخيص إلى تحقيق أهداف متناسقة منشودة للاستدامة المالية ونتائج محسنة لصالح المرضى. ولا يمكن تحقيق ذلك سوى باستخدام منهجيات متقدمة لاحتساب التكاليف من أجل إجراء احتساب دقيق لتكلفة الرعاية الحقيقية على المستويات الإجرائية وعلى مستوى المريض ومجموعة الخدمات ومجموعات التشخيص. نفذت منظومة الرعاية الصحية العامة في أستراليا حساب التكاليف القائم على الأنشطة على نطاق واسع من أجل الاستخدام الأمثل لمواردها الصحية ويعد نجاح نظام الصحة العامة لديها مثالاً على ذلك في جميع أنحاء العالم. وحان الوقت لمنطقة الشرق الأوسط أن تقوم باعتماد عملية احتساب التكاليف وفق مجموعة الخدمات باعتباره أساس الاقتصاد الصحي لديها.
كلما كان التشخيص أفضل، كان العلاج أفضل!
Facebook Conversations
Disqus Conversations