حوار زعماء الدين في المؤتمر السنوي لمنتدى بوآو الآسيوي لعام 2022
هايكو، الصين - اجتمع القادة السياسيون والتجاريون والأكاديميون في المؤتمر السنوي لمنتدى "بوآو" الآسيوي لعام 2022 الذي عُقد في الفترة الممتدة من 20 إلى 22 أبريل لاستكشاف المسار المستقبلي للتنمية في آسيا والعالم. وتحت عنوان "القمر فوق الأنهار، الجمال والانسجام - تزدهر الحضارات من خلال التواصل والتقارب"، جمع حوار زعماء الدين، وهو جلسة مُفصّلة في منتدى "بوآو"، زعماء دينيين ونخبةً ثقافية من مختلف أنحاء العالم للتحاور بشأن التواصل والتعايش السلمي والتنمية المنسجمة لمختلف الأديان والحضارات في محاولةٍ لإضفاء الحكمة الدينية الصينية في كلّ من التعلم المتبادل والوحدة الدينية وتسليط الضوء على الحب والمسؤوليات العالمية التي تقع على عاتق الأديان.
هذا ويأتي المتحدثون المشاركون في الجلسة الحوارية، والذين يتمتّعون بمكانةٍ وتأثيرٍ كبيرين وحقّقوا إنجازات هامة في الأوساط الدينية والثقافية، من مختلف المجالات من قبيل الديانة البوذية، والإسلام، والكاثوليكية، والفلسفة وغيرها، ويغطّون كلاً من الصين والشرق الأوسط وشرق آسيا وأوروبا ودول ومناطق أخرى، ما يوفر ضمانة قوية لنجاح الحدث.
وتضمّن الحوار تبادلاً معمّقاً لوجهات النظر المرتبطة بتوطين الإسلام وتعايشه المُنسجم مع الثقافة الصينية المُتمثلة في الفلسفة الكونفوشيوسية، وممارسة البوذية وتجربة توطينها بعد طرحها في الصين، والنظرة العالمية للحضارة الصينية، واستطاع بالتالي الإجابة على بعض القضايا الاجتماعية الكبرى ودمج الحكمة الدينية والثقافية مع المسؤوليات والآمال.
وفيما يشهد العالم تغيراتٍ عميقةٍ لم تُشهد منذ قرنٍ من الزمن بسبب تأثير تفشي جائحة "كوفيد-19" في المجالات كافة، من المتوقع أن تضطلع الأديان بدورٍ إيجابي بفضل مساهماتها في نزع فتيل الأزمات والكوارث التي شهدها العالم طوال مئات السنين. كما أفضى الحوار إلى الحصول على أفكارٍ ومساراتٍ وحلولٍ جديدة للتعلم المتبادل بين الحضارات، والتعامل مع صدام الحضارات وتحقيق التعايش السلمي، ما أدى إلى زيادة الإجماع العالمي بخصوص الأديان إلى أقصى قدر ممكن.
وخلص الحوار إلى أن الحضارة الدينية، بصفتها كياناً ثقافياً، موجودةٌ منذ أوّل التاريخ البشري، وتُشكّل فصلاً رائعاً في بناء مُجتمعٍ يتشارك تصوّراً لمستقبل البشرية. كما تنقل الأعمال الدينية الكلاسيكية، على غرار قلب براجنا باراميتا سوترا وسوترا تاو تي والقرآن الكريم والإنجيل، جمال الأفكار والحكمة؛ في حين تُسلّط المعابد والأضرحة والكنائس والمساجد المنتشرة في جميع أنحاء العالم الضوء على الجمال المهيب للهندسة المعمارية. خلاصة القول أنّ جمال الدين يُجسّد جمال الإيمان في السعي لتحقيق الوحدة البشرية. ويجب على المجتمع الديني تعزيز الثقة والوعي الثقافي، وأن يواصل استكشاف الثقافة الدينية التقليدية والمضي قدماً بها من أجل ترك إرث عميق للعصر.
كما أكّد الحوار أنّ التعاليم الدينية الأساسية تتلاءم مع المفهوم الأساسي لمجتمعٍ يتشارك مستقبل الإنسانية. ومن المهمّ بالنسبة للمجتمع الديني أن يواصل العمل على مبدأ إنشاء مجتمعٍ تكون قيمته الجوهرية هي المستقبل المشترك للإنسانية، والقيام بالأعمال الخيرية، وتقديم الفوائد للمجتمع وتعزيز الانسجام من أجل تقديم مساهمة أكبر في بناء مجتمع يتمتّع بمستقبلٍ مشتركٍ في آسيا ومبادرة الحزام والطريق.
تجدر الإشارة إلى أنّ جائحة "الكوفيد-19" ما زالت منتشرةً في جميع أنحاء العالم، ما يجعل بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك أكثر أهمية. ويتوجّب على المجتمع الديني استكشاف وسائل الحضارة الدينية للتصدي للوباء، وتطبيق روح التعاطف لتهدئة القلوب وتخفيف الآلام، والتكاتف لتقديم قوة قوية للتغلب على التحديات وبناء مجتمعٍ يتمتّع بمستقبل مشترك للبشرية.
ويُعدّ حوار زعماء الدين لهذا العام الإصدار السابع منذ إنشاء الحوار في منتدى بوآو الآسيوي في عام 2015. ويستمر الحوار، الذي وُلد في بوآو وينمو معها، في توسيع نطاق جدول أعماله مع تحقيق نتائج أغنى وتأثير أكبر. وبالوقوف على أعتاب حقبةٍ تاريخيةٍ جديدة، سيواصل الحوار بثبات التقاليد الرفيعة، ويفي بالمسؤوليات الدينية لعصرنا هذا ويُبرهن الحب والالتزام الكبير الذي تنطوي عليه الأديان.
Facebook Conversations
Disqus Conversations